عرفناها قبل أن تكونَ ثورة! ننتمي إليها انتماء الأغصان للجذع الأم، فضلها علينا كفضل يُوسفَ على أخوته، واحتمالنا لها كاحتمال الصباح بعد ليلٍ حالك .
هي الثورة التي حُرمنا منها قدراً لا هرباً، وانتظاراً لا انسحاباً، هي التي انتظرناها على صفيح الجمر في سجون التعذيب ومعتقلات القهر، وهي التي أخرجتنا من حُبّ السجّان إلى وعيد الثأر والانتقام .
هي الثورة التي بدأتها أصابع الأطفال على جدران المدارس، وباركتها أيادي النساء حين حملوا للمتظاهرين زجاجات الماء الأولى، وهي التي حملها رجال واجهوا الرصاص بالحجارة، وفوّهات الدبابات بالمولوتوف، وهم يواجهون اليوم القنابل الموجهة والنابالم بعدة طلقات من الرصاص.
هي الثورة التي انتظرها كل العالم ليقتلنا بها، والمتروكة من كل شعوب الأرض، والمحكوم عليها بالموت السريري في نداءات المنظمات، وبالموت تحت سكاكين ميليشيات العالم أجمع، وهي المقتولةُ تطعنُ في الساحات نصراً للشهداء وثاراتٍ للمُعذّبين.
دفنّا في الأرض حُبّها وانطلقنا، أردنا أن نكون كما أرادت هيَ، في جسمها وروحها المقدّس صار كُلّ الشهداء والقتلى والذين لم تتعرف عليهم الأشلاء، وبوعدها بالنّصر صارت أحلامنا.
حملناها إلى تجارب الثورات الماضية، ألبسانها أثواب الثورات ثوباً ثوباً، إلاً أنها أبت إلا أن ترتدي ثوبها الخاص، الثوب الذي ستحلم كُل الثورات القادمة أن ترتديه يوماً.
هي الثورة المؤيدة بصحوة النائمين، منها لن نخاف، وطريق الحياة أصعب.