عن الأشخاص الذين لا نعرفهم، الذين يسرقون من وقتنا ما شاؤوا بلا استئذان، دون أدنى خوف أو قلق، عن الأشخاص الذين يخطرون بين اللحظة واللحظة، والذين تُصادف وجوههم فجأة في لحظات انتظارك الطويلة، أنلقاهم غداً ؟ أو بعد قليل في صدفةٍ نعرف أنها لن تكون، نغمض الأعين لنحلم بهم، ونعرف أن الحلم بلقائهم أحلى، لأننا نخترع لأحلامنا أسمى ما يمكن أن يفرحنا.
عن الأشخاص الذين نتجنب الكتابة إليهم لأنهم مختلفون، مختلفون في كل شيئ، في أسلوب حياتهم و علاقاتهم وانتظامهم الاجتماعي فوقك، في اعتقاداتهم وإيمانهم عنك، وفي ألوان ملابسهم ومعاطفهم الباهظة، وفي كل التفاصيل التي كنا نراها عصيّة على القبول، نتجنب الكتابة إليهم لأننا نخاف أن نقبل باختلافهم، وأن نقدّم كل مبادئنا على مذبحة الحُب .
عن الشخص الذي تلقاه للمرة الأولى، الذي يتسلل إلى قلبك كما تتسلل المياه بين حبات الرمال، يخبرك باسمه الذي تعرفه جيّدا، تعرف معناه أكثر من معرفتك لمعنى اسمك، عن الشخص الذي يحمل إليك ما ليس لك، والذي يختزلُ في حركاته كل معاني الأنوثة.
عن الشخص الذي لا تعلم كيف تبدأ بحبه، تحتاج منه رأس الخيط الذي يدليه أمامك، تخاف أن تمسكه أو أن تحاول قطعه، و لا تعلم من أين تجيئ إليه وهو البعيد عنك مسافة ظلّك لا يقترب إليك حتى وقت الظهيرة وفي انعدام الظلال ينعدم أيضاً فلا لقاء.
عن المرأة التي أسير إلى حُبّها، كُرهاً وطوعاً، التي أركض إليها كل يوم ألف خطوة وأعود واحدة، وأنتظرُ يوميَ التالي لأركض اليها ألفاً أُخرى، ولأعود اثنتين، في كل يومٍ أعود خطوات أكثر، وأمشي ألفاً تليها ألفاً.
عن المرأة التي أخشى النزال عليها، أو المراهنة على فوزي بها، لا مخافة الهزيمة، بل مخافة أن أحبها كما هي، بدون ممارسات الرجال التقليدية أو احتمالات التفاهمات الكبيرة.